الهلال والشارقة.. «لا زعيم في حضرة الملك»

الرياض ـ الرياضية 2025.12.22 | 02:27 pm

وكأنهم يتنبَّؤون بما سيحدث، علَّق عددٌ من مشجعي فريق الشارقة الإماراتي الأول لكرة القدم لافتةً بيضاء في مدرّج للواجهة بملعبهم كتبوا عليها بنبرة تحدٍ وثقة «لا زعيم في حضرة الملك».
«الملك» لقبُ فريقهم و«الزعيم» هو الهلال، الذي حلَّ ضيفًا عليهم في تلك الأمسية الصيفية، 18 مايو 2004، بكوكبة نجومه. سامي الجابر، مع محمد الدعيع، وخالد عزيز، وعبد الله الشريدة، وكانديا تراوري وسيفو سولي، وغيرهم، تحت قيادة المدرب التونسي أحمد العجلاني.
لم يكن لقاءً عاديًا في دوري أبطال آسيا، بل نِزَالًا ضمن آخر جولات مرحلة المجموعات، لا يقبل القسمة على اثنين، بين فريقين يتصارعان على الصدارة وبطاقة واحدة للصعود من المجموعة الثالثة إلى ربع النهائي. دخل كل فريقٍ إلى الملعب المكتظ بالمشجعين، وفي رصيده 7 نقاط، من فوزين وتعادل.
وعندما لاحظ المعلّق ناصر الأحمد اللافتة المثبّتة في منتصف مدرج الواجهة، قرأها وأعجبته، فقال عبر البث المباشر لقناة «أوربت» التلفزيونية: «حلوة العبارة.. نقلتها للمشاهدين لأنها حلوة»، وأكمل: «عمومًا النتيجة النهائية ستبيّن هنا من هو الزعيم ومن هو الملك».
كانت النتيجة في تلك اللحظة 1ـ1، بعد هدفٍ شرقاويّ من سعيد الكاس، ردَّ عليه النجم سامي الجابر بهدفٍ سينمائي من ركلة حرة خارج منطقة الجزاء. لكن الهلاليين يدركون أنَّ التعادل في صالح الشارقة، لتفوقه عليهم بمجموع الأهداف قبل الجولة الأخيرة. لذا كثّفوا هجماتهم، حتى تقدّموا بهدفٍ لعبد الله الشريدة من ضربة رأسية.
وقبل انتهاء الشوط الأول، لاحت فرصةٌ لتعميق تفوُّقهم وإحباط المنافس، بعدما انفرد الجابر بالمرمى ومرَّر على الأرض إلى تراوري، لكن الكرة ضاعت، فعلَّق الأحمد وهو يضغط على كلماته مُحذِّرًا من القادم: «مسؤولية سامي هذه الكرة.. أعتقد أنها كانت ستزيح عن كاهل الهلاليين حملًا ثقيلًا وتضعه على الشارقة الإماراتي».
وعندما غادر الفريقان إلى غرفتي الملابس لالتقاط الأنفاس، لم يكن أشدُّ المتشائمين من الجانب الأزرق يتوقع ما يُخبِّئُه الشوط الثاني. فقبل مرور دقائقه العشر الأولى، انقلب كل شيء. استقبل الدعيع هدف التعادل من البرازيلي أندرسون وبعده بأربع دقائق هدفًا آخر من نواف مبارك، واشتعلت المدرجات حماسًا، فيما أقرّ معلّق «أوربت» بأن «الأمور أصبحت صعبة» على الضيوف، وتساءل: «هل يعود الهلاليون؟». تبقّى من زمن المباراة 35 دقيقة، غير الوقت بدل الضائع، والكتيبة الزرقاء تحتاج إلى هدف تعادلٍ وآخر للتقدُّم مجددًا والفوز. لكن الاندفاع الحتمي إلى الأمام زاد من المتاعب الدفاعية وسط تألق لافت للإماراتي عبد العزيز محمد الياسي، لاعب وسط الشارقة، الملقّب بـ «العنبري». صنع العنبري الهدفين الأول والثالث، واستغل المساحات في الثلث الدفاعي الأزرق مُحرِزًا هدف فريقه الرابع في الدقيقة 88. أدرك الأحمد بخبرته الكروية أنَّ المباراة انتهت، قبل صافرة الختام، وقال فور إحراز ذلك الهدف: «ألف مبروك للشارقة وحظ أوفر للهلال في البطولات المقبلة». لكن أندرسون أحرز بعدها، وخلال الوقت بدل الضائع، هدفًا خامسًا لـ «الشرقاوية» صنعه العنبري. وعندما أعلن الحكم عن انتهاء المباراة، كانت النتيجة 5ـ2 للفريق الأبيض، وودَّع الأزرق المنافسَة بخسارةٍ تظلُّ الأكبر في تاريخه على مستوى البطولات الآسيوية.
ومساء اليوم، يعود الهلال إلى ملعب الشارقة لملاقاة أصحاب الأرض في مرحلة المجموعات من دوري أبطال آسيا للنخبة، بعد أكثر من 21 عامًا على لقائهما الوحيد فيه قاريًّا.